هــل يكــون البلـدوزر رقـم الأحمــر الآسيــوي الصعــب؟
لو عادت بنا عجلات الزمن إلى العام 2004 وتحديداً إلى بطولة كاس أسيا النسخة الماضية التي أقيمت منافساتها في الصين لنقيم أداء منتخبنا الوطني في تلك البطولة سوف لن يختلف اثنان من المتابعين على أنه كان هناك خلل واضح في الخط الخلفي للفريق، نظراً لنسبة الأهداف العالية التي دخلت مرمانا والتي كان قوامها 14 هدفاً خلال 6 مباريات، أي بمعدل 3,2 في المباراة الواحدة، إذ ضيع هذا الكم المرتفع من الأهداف الرونق الهجومي الذي أبدع في تلك البطولة الذي استطاع أن يسجل 13 هدفاً توج على إثرها الثعلب الأسيوي علاء حبيل بلقب هداف البطولة برصيد 5 أهداف.
هذه النسبة العالية من الأهداف كان سببها الأداء المتواضع الذي ظهر بها خط الدفاع الذي احتار مدرب الفريق الكرواتي ستر يشكو في كيفية إصلاحه ووضع الحلول المناسبة له في ضل نقص أعمدة أساسية فيه متمثلةً غياب اللاعبين محمد حسين الذي كان عائداً للتو من فترة إيقاف دولي، ولم يكن في جهوزيته لخوض تلك البطولة، إضافةً لغياب ضرغام الدفاع العنيد عبدالله المرزوقي الذي افتقدناه للإصابة التي لحقت به وحرمته من المشاركة في المحفل الأسيوي.
المرزوقي بطبيعة الحال ومما لاشك فيه يمثل قوة حقيقية للمنتخب ولأي فريق يلعب إليه نظراً لما يتمتع به من مواصفات تمكنه لأن يكون رقماً صعباً وفارقاً يصب في مصلحة الفريق، إذ يتمتع هذا العملاق ببنية جسمانية مثالية سواءً في الطول الفارع أو القوة الجسمانية التي يمتاز بها، فضلاً عن روحه القتالية العالية التي يمتلكها والتي يصعب أن تتواجد في أي لاعب وقد ظهر ذلك خلال بعض المشاركات المهمة له مع المنتخب، فهو مخلص بكل ما تحمله هذه الكلمة من المعاني، ولا يستطيع أحد أن يشكك أو يقلل من مدى إخلاصه.
لقد كان المرزوقي ناجحاً مع مرتبة الشرف في أغلب الاختبارات التي خاضها مع المنتخب طوال السنوات الماضية، إذ بدأ مشواره الدولي في الدور الأول من تصفيات كأس العالم التي أقيمت ذهاباً في ماليزيا وإياباً في الكويت، حيث ساهم هذا المحارب العملاق بشكل كبير إلى جانب زملائه في الطفرة الكبيرة التي حققها منتخب الكرة والتي انطلقت من تأهله عن جدارة واستحقاق إلى الدور الثاني من التصفيات كبطل لمجموعته، حتى اختاره الإتحاد الدولي إلى أن يفوز بجائزة أفضل فريق متطور في العالم العام ,2004 ولغاية الآن والمرزوقي يسطر أروع الملاحم من ناحية التألق والتضحيات الكبيرة التي قدمها ولا يزال يقدمها للأحمر، فمن لا يتذكر أهدافه الرأسية الصاروخية التي عانى منها حراس المنتخبات الأخرى فالكل يتذكر هدفه السينمائي في المباراة الشهيرة مع المنتخب الإيراني في البحرين وهدفه الآخر في مرمى عمان بدورة الخليج في الرياض، كما لا ينسى هدفه الصعب في مرمى الدعيع بالمباراة التاريخية في خليجي 17 بالدوحة.
إن من أبرز الملاحظات الحاصلة هي أن هذا اللاعب على موعد مع التألق دائماً في الأوقات الصعبة للأحمر، باستثناء بعض المباريات التي كان يخرج فيها عن النص ويتسبب في إحراج المنتخب وقد حصل ذلك لأكثر من مرة وهي أبرز السلبيات البارزة التي نراها فيه، إلا أن ما يبعث على الاطمئنان أن هذا الجانب السلبي أخذ يتلاشى مؤخراً نظراً لخوضه أكثر من تجربة احترافية، إضافة لفترة النضج التي وصل إليها من خلال السنوات التي قضاها كلاعب دولي.
كما يتمتع المرزوقي بأخلاق دمثة وطيبة قلب كبيرة، إضافة لنعمة خفة الظل الكبيرة التي منحها إياه الله، وهي ميزة جعلته محط قلوب كل الذين عاشروه سواءً في المنتخب أو الأندية التي لعب إليها، إذ إن أكثر لاعبي الأحمر يعتبرونه فاكهة المعسكرات لمداعباته الظريفة، فضلاً عن نخوته وشهامته، وباختصار شديد هو إنسان رائع ويتصرف على سجيته دائماً من دون أي تكليف، وقد سببت له هذه الفطرة الكثير من الانتقاد من بعض الآراء التي لم تعرفه على حقيقته وقد تكون معذورة بعض الشيء بسبب بعض الأخطاء التي كانت تتكرر كما من اللاعب كما أسلفنا مثل حصوله لأكثر من مرة على البطاقة الحمراء مما يتسبب في إحراج الفريق في بعض لمرات عديدة.
إن التجارب الاحترافية التي خاضها المرزوقي كانت عبارة عن محطات مهمة في حياته، فقد تعاقد معه فريق نادي الريان بالدوري القطري بعد عودته من الإصابة في العام 2004 ليخوض موسماً باهتاً بالنسبة له ولا يتناسب مع مستواه وسمعته المعروفة التي وصل إليها، ليعود للعب مع ناديه الأم الرفاع في الموسم الذي تلاه، لكنه لم يكمل مع الرفاع ليعود مجدداً للريان بعد طلب مخصوص من المدرب الجزائري المعروف رابح ماجر المدير الفني للفريق الرياني في ذلك الموسم الذي اختاره بالاسم، ليعود مجدداً لدوري النجوم القطري ويقدم مستوى جيداً أفضل مما قدمه في الموسم الذي سبقه، وفي بداية الموسم المنصرم خطفه نادي الطائي السعودي ليكون المحترف البحريني الوحيد في الدوري السعودي، واستطاع العملاق أن يسجل حضوراً قوياً له مع الطائي وظهرت آثار الاستفادة التي جناها من أقوى دوري خليجي ذلك في بطولة كأس الخليج الأخيرة بأبوظبي بعد المستوى الكبير الذي قدمه مع الأحمر، حيث كان الأفضل على الإطلاق من ناحية الثبات على المستوى والأداء القتالي الذي تفنن فيه بإنهائه لخطورة أبرز المهاجمين في تلك البطولة من أمثال العراقي يونس محمود والنجم العماني عماد الحوسني ولذلك نال إعجاب جميع المتابعين، مما جعل العديد من العروض تنهال عليه من عدة أندية خليجية إلا أن تمسك الطائي به حال بينه وبين تلك العروض، إلى أن خطفه الكويت الكويتي بعد أن وقع معه عقد انتقاله للدوري الكويتي ابتداءً من الموسم القادم.
فهل سيعوض أن يعوض البلدوزر ما فاته لغيابه في بطولة أسيا بالنسخة الماضيةً، وهل سيكون كما عودنا دائماً على الموعد في الأوقات الصعبة التي عادةً ما يحتاج فيها المنتخب لجهوده؟ ونتمنى أن لا تتكرر منه تلك الأمور التي تشوه الصورة المتألقة له، الأمر الذي قد يتسبب في نسف المجهود الكبير الذي يبذله في المباريات التي يخوضها مع المنتخب.